مباديء واساليب القيادة الشيوعية
١ الاسس الايديولوجية والمنهجية للقيادة الشيوعية.
أ- تعتبر القيادة الشيوعية، كمهمتها، قيادة النضال الطبقي للبروليتاريا، بوصفها طبقة عالمية، وفي كل مراحل ذلك النضال وجوانبه. وعلى هذا الاساس:
اولاً، لاتلجأ الى تحديد افق عملها السياسي ومهامها تحت وطأة الحاجات والمستلزمات المرحلية، وتأخذ في كل آن وحين مجمل نضال البروليتاريا ضد البرجوازية ومهامها بنظر الاعتبار؛ وتسعى للاجابة على المسائل المتنوعة لهذا النضال بابعاده السياسية والاقتصادية والايديولوجية.
ثانياً، ولذلك، تستند تماماً الى المباديء النظرية والعملية للايديولوجيا الثورية لطبقتها، اي الماركسية الثورية. يجب ان تعتبر المباديء الماركسية حول النضال الطبقي مبادئاً عملية، موجبة التنفيذ ومؤثرة. تقف القيادة الشيوعية بحزم بوجه كل تيار وميل يدعوان او يعظان بالتخلي عن هذه المباديء اوتناسيها مؤقتاً بحجة الخصائص المرحلية لهذه المرحلة من الحركة العملية او تلك.
ثالثاً، ليست القيادة الشيوعية قيادة تنظيمية صرف. ليس بوسع، كما يجب ان لا يقتصر، نطاق نشاط القادة الشيوعيين على الصعيد التنظيمي فقط. ان تامين قيادة المبدئية لمنظمتها انما هو انعكاس لقابلية القيادة وقدرتها في ارشاد مجمل الحركة الطبقية في اوجهها المختلفة.
رابعاً، لاتعتبر القيادة الشيوعية احراز التقدم او الظفر في هذا الميدان المحدد للنضال الطبقي او ذاك انتهاء لمهامها، بل تصبوا الى تحقيق برنامجها الشيوعي تجاه الراسمالية ونظامها العالمي. وعلى هذا الصعيد، انها لمهمة القيادة الشيوعية تعريف الناشطين الحزبيين وطليعيي وجماهير الطبقة العاملة في كل مرحلة من مراحل الحركة العملية الطبقية، ضرورة واساليب وادامة وتوسيع وتكامل تلك الحركة، وتعدهم لاحراز التقدم اللاحق. ان بامكان قيادة مؤمنة بالشيوعية والاممية فحسب تامين قيادة شيوعية مبدئية في المراحل المختلفة للنضال الطبقي.
ب- ان حزم القيادة الشيوعية ناجم عن الفهم الماركسي لعلاقة النظرية بالممارسة وتحيزها الايديولوجي. ان القيادة الشيوعية تعد نفسها ملزمة بالارشاد الدائمي للحركة والتنظيمات الحزبية واحباط مجمل التيارات والسياسات غير البروليتارية في الحركة العمالية والشيوعية. لهذا، انها مسؤولة عن اتخاذ قرار فوري وحاسم تجاه كل المعوقات والمسائل التي تعترض تقدم الحركة الطبقية والنضال الطبقي على اساس فهمها الايديولوجي لاهداف وحاجات الحركة النضالية للطبقة العاملة واستناداً الى تحليل محدد للاوضاع.
ان القيادة الشيوعية هي قيادة سياسية قبل كل شيء، ليست قيادة نظرية محض. ان المعرفة النظرية لمسائل النضال الطبقي هو معرفة نسبية دوماً. بيد ان النضال العملي يستلزم قرارات حازمة ورصينة. وعليه، ان القيادة الشيوعية، وضمن سعيها للارتقاء الدائم بمعرفتها النظرية، ان تتخذ القرارات الحاسمة وتنفيذها كل لحظة تجاه اي معضلة ومسالة للحركة الطبقية على اساس ايديولوجي راسخ ومتين واستناداً الى المباديء الاساسية للماركسية الثورية واهدافها وكذلك استناداً الى تحليلها للمستلزمات المحددة للنضال الطبقي والثوري.
ج- القيادة الشيوعية مسؤولة عن الاضطلاع بدور طليعي. لايتخذ القادة الشيوعيون قراراتهم استناداً الى الحلول الوسطية او التوفيق بين النظرات المختلفة، بل الى اكثر النظرات الطليعية الموجودة في الحزب والحركة الطبقية. ان القيادة الشيوعية ليست قيادة محايدة، بل انها قيادة متحيزة وحازمة حيث تتخذ قراراتها على اساس مباديء ايديولوجية اساسية وعلى اساس تحليلها المحدد للاوضاع المحددة وتتحمل مسؤولية عواقب هذه القرارات سلباً او ايجاباً. لهذا، تضع القيادة الشيوعية على عاتقها مهمة التحديد والاختيار السريع للمواقف الطليعية تجاه كل مسالة والوفاء العملي لهذه المواقف وقبول مسؤولية دفعها للامام.
د- ان القيادة الشيوعية قيادة تتسم ببعد النظر وترنوا صوب المسائل القادمة للحركة ولتنظيماتها وتعمل، مسبقاً، على اعداد منظمتها الحزبية والطبقة العاملة للتصدي للعوائق المقبلة. ان القيادة التي تنهمك فقط بمعالجة المسائل الراهنة والسابقة لتنظيماتها لاتكون عاجزة عن لعب دور قيادي فحسب، بل لن تتمكن، عملياً، من حل المسائل القائمة بشكل ثوري ونهائي والرد حتى على المسائل الراهنة للحركة.
٢ الانحرافات الناجمة عن نقض المباديء الايديولوجية والمنهجية للقيادة الشيوعية
ان تخفيف الرؤية الشيوعية والاممية في الواقع، تضييق الافق السياسي والطبقي للقيادة وحصرها في اطار المسائل والمستلزمات الانية والفورية والمرحلية للحركة وغياب الايمان العميق بعدالة ومبدئية وعملية الاسس الماركسية تؤدي الى بروز عدم الثبات والمصلحية والتذبذب والنزعة المساومة، الفهم الاكاديمي للنظرية الماركسية، النزوع النموذجي الكامل عند التعامل مع النظرية والتعامل الوسطي مع الخطوط السياسية والسياسات العملية المختلفة التي تظهر في صفوف الحزب والحركة العمالية وتؤدي الى عدم ممارسة القيادة، التردد في اتخاذ القرارات الحازمة والنهائية، فقدان الحزم في اللحظات الحاسمة، المصلحية والذيلية للاجزاء المتخلفة من الحركة والتنظيم وغياب الصراحة معهما؛ كما تؤدي الى عدم لعب الدور الطليعي، غياب بعد النظر، عدم فهم المسائل المقبلة لحركة الطبقة وانهماك القيادة في المسائل الراهنة للحركة والتنظيم. وسيؤدي كل ذلك بالمنظمة والنشاط الحزبي الى المراوحة في اطار الذات والسير التدريجي نحو الانفصال عن دورها القيادي عموماً في الحركة والى عجز وفشل المنظمة الشيوعية في الاجابة على مستلزمات الحركة الطبقية المتنامية.
٣ الاساليب والادوات الرئيسية الخاصة بالقيادة:
يجب على القيادة الشيوعية ان تستند، من اجل الدفع بمهامها، على اساليب وادوات تتناسب مع تلك المهام، منها:
١- ان تؤمن، وفي كل الاظروف والاحوال، قيادة متمركزة، مستمرة ودائمة، وفي الوقت ذاته، شاملة للحركة والنشاط التنظيمي. ان التمركز، التواصل والاستمرارية هي مبدأ لايمكن تجاهله في القيادة الشيوعية.
٢- ان التنظيمات الشيوعية، وبكل سلسلة مراتبها التنظيمية وبكل هيئاتها الفرعية المتخصصة، هي الوسيلة الرئيسية للقيادة من اجل تحقيق الاهداف التي حددتها لنفسها. ولكن تضع القيادة، في الوقت ذاته، وسواء من اجل ارشاد نشاطها التنظيمي او للقيادة المباشرة لطليعة وجماهير الطبقة العاملة، على عاتقها مهمة الاستفادة القصوى من هيئات مركزية خاصة بشان القيادة مثل الاذاعة، الجرائد المركزية والنشرات الحزبية الداخلية وكذلك وسائل الاعلام والهيئات الدعائية غير الحزبية والقاء الخطب في اللقاءات والتجمعات الجماهيرية والتواجد في التجمعات العالمية.
٣- على القيادة ان تقوم، وباستمرار، بتحليل المسائل المقبلة للحركة والتنظيمات واتخاذ القرارات الضرورية واللازمة بشأنها وتعبئة قوى فعالي التنظيمات والجماهير من اجلها.
٤- يجب على القيادة ان تصوغ نظراتها على شكل قرارات ومقررات وبلاغات ونداءات واضحة وتضعها امام التنظيم والجماهير وان تعبيء الادوات المركزية من اجل اعلان هذه السياسات وتوضيحها وتشريحها.
٥- لكي تدفع القيادة سياساتها للامام، يجب ان تعتمد بشكل خاص على الكوادر الطليعية والواعية للمنظمة. وعلى هذا الصعيد، يجب:
اولاً، وضع افضل رفاق التنظيم واكثرهم طليعية في الاصعدة المختلفة في المواقع المحورية والقيادية في بنية التنظيمات ومنحهم الصلاحيات الكافية من اجل تنفيذ مهامهم.
ثانياً، متابعة تربية الكوادر في صفوف التنظيم بشكل منظم وبالسيب مختلفة وطبقاً لخطة.
٦- لايمكن ولايجوز لسياسات القيادة ان تبقى في اطار الاعلان العام عن اهدافها. على القيادة، وعلى كل هيئة تنظيمية مُقرِرَةْ، صياغة سياساتها على شكل خطط عمل واضحة والعمل على تنفيذها ومتابعتها. ومن اجل تنظيم اي خطوة تنظيمية، يجب ان تتضمن التعريف الدقيق واجراء العمل بالنقاط التالية:
تحديد الهدف، صياغته بشكل خطة عمل، اجراء تقسيم العمل اللازم في هيئات التنظيم وفقاً لخطة العمل المذكورة وتحديد كيفية تنسيق العمل بين الهيئات التنظيمية وتخصيص القوى والامكانات اللازمة للاجزاء المختلفة من التنظيم من اجل تقدم مهامها التي تم تحديدها في خطة العمل، تحديد اسلوب والية المراقبة والمسائلة حول كيفية تقدم وتنفيذ الاعمال.
٧- تحتاج القيادة الشيوعية الى الحفاظ على صلة معنوية، سياسية وعملية عميقة مع ناشطي منظمتها وطليعيي وجماهير الطبقة العاملة. وعلى هذا الصعيد، فان على القيادة:
أ- الاطلاع الدقيق، وباشكال مختلفة ومنظمة، على الجوانب المتعددة للنشاط التنظيمي. لذلك، فان تنظيم التقارير الدقيقة من الاسفل الى الاعلى والمتابعة المنظمة والدقيقة لكل هيئات التنظيم هي مهمة اساسية للقيادة.
ب- ان تطلع التنظيم، باستمرار، وبين اوقات معينة، على اتجاه سير عمل ونشاط المنظمة.
ج- اقامة علاقات مباشرة مع ناشطي وقادة النضال الجماهيري ومع العمال والكادحين الواعين والطليعيين سواء بشكل حضوري او تحريري.
منصور حكمت٭ ٭ ٭
تم اقرار هذه الوثيقة في الاجتماع المشترك لللجنة المركزية لعصبة كادحي كردستان المعروفة بـ(كوملة) واللجنة المركزية لاتحاد المناضلين الشيوعيين. وصدرت لاول مرة في مجلة "بسوى سوسياليزم"-صوب الاشتراكيةـ المجلة النظرية للحزب الشيوعي الايراني في وقتها، العدد الاول صيف ١٩٨٥. وقد تمت ترجمت هذا النص استنادأ الى النص المنشور في العدد المذكور.
ترجمة: جلال محمد و فارس محمود
m-hekmat.com #2730ar.html
|